أبريل 01، 2019

يسوع المسيح والإنسان


يسوع المسيح ليس فقط هو كلمة الله، لكنه الله ذاته الساعي في طلب  الإنسان. الله يحب الإنسان حباً أبدياً في يسوع المسيح، ويسعى في طلبه لأنّه خصّه عن سائر المخلوقات بخلقه على صورة الله وكشبهه.

المسيح في محبته يسعى في طلب الإنسان الذي ابتعد عن الله مصدر حياته واختبأ مثل آدم بين الأشجار في الفردوس الأرضي؛ بعد أن ترك إبليس يضلّله ويوهمه أنّ في إمكانه أن يكون مثل الله؛ وأنّه يمكن أن يكون مصدر الحياة والمعرفة لذاته.

إنّ المسيح يسوع يتحرك نحو كلّ واحد منّا بشكل شخصيّ؛ نرى ذلك في سعيه وانتظاره في حرّ النهار بالرغم من تعب السير الطويل؛ طلباً لشخص واحد: إنّها المرأة السامرية التي تمثّل أحد أقسى صور سقوط البشرية وهروبها ليس من الله فقط لكن من الناس أيضا؛ فقد خرجت وحيدة لتستقي ماء لا تريد أن تلتقي بإنسان. فلاقاها يسوع كاشفاً أعماق نفسها؛ فردها إلى الله وإلى مدينتها مبشّرة به.

فالمسيح ليس فقط يغفر خطايانا لكنّه أيضا يُعيدنا ويُوحّدنا مع الله أبينا.


    تابعونا            
   

يناير 08، 2019

يسوع إله المعجزات والآيات


بقلم الأب هاني شلالا المُرسل اللبناني



إن شخصيّة يسوع المسيح تبقى صخرة شك وحجر عِثار للعقل البشري. فسرُّ التجسّد  الإلهي وسرّ الفداء الخلاصي، يبقيان التحدّي الأكبر لعقل الإنسان. فمنذ البداية وحتى النهاية كان يسوع يعمل ويعلّم بسلطان إلهي، وقد برهن عن صحة كلامه ورسالته بالآيات والمعجزات.

نراه مثلاً يشفي العميان ليقول :" أنا نور العالم، من يتبعني لا يمشي في الظلام".

نراه يطرد الشياطين ويحرّر الممسوسين الخرس والصمّ، ويُعيد إليهم السمع والنطق، ليقول: "أنا هو الكائن، أنا الألف والياء، أنا الكلمة والنور، أنا سيّد الكون وملِكه، وابليس ليس إلّا خليقة بائسة وعاصية، مُضلِّلة وقاتلة".

نراه يُسكّن العواصف ويمشي على المياه ليقول :" أنا سيّد العناصر والكون ولا شيء يعصى أوامري".

نراه يُكثّر الخبز والسمك ليقول :" أنا الخبز الحيّ النازل من السماء. من يأكل من هذا الخبز يحيا الى الأبد، وهذا الخبز هو جسدي الذي يُبذل لأجل خلاص العالم".

ونراه يُعطي هذا الخبز في العشاء السرّي وعلى الصليب :" خذوا كُلوا هذا هو جسدي ... خذوا اشربوا هذا هو دمي".

نراه يغفر الخطايا ليُثبت أنّه هو الله. ويأمر المخلّع بأن يحمل سريره ويذهب الى بيته لكي يُثبت للناس أنّه سيّد الحياة وصانعها.

ونراه يشفي البُرص ليقول أنّه هو شافي البشريّة من أمراضها وعزلتها وموتها وخطيئتها.

نراه يشفي اليهود وغير اليهود ولا يقف عند أيّ حدود، لأنّ محبّته تشمل كلّ الشعوب والأمم. لقد حطّم كلّ الحواجز لأنّ المحبّة بلا حدود.

نراه يُقيم الموتى لكي يبرهن أنّه هو سيّد الحياة والموت وبأنّ كلّ شيء بيده وهو ضابط الكلّ بيمينه.

نراه يتنبأ عن كل شيء: عن مصيره ومصير تلاميذه، عن موته وقيامته، عن خراب اورشليم وهيكلها، وعن إرسال الروح القدس ومجيئه الثاني بالمجد... .

نراه يُعطي السلطان لتلاميذه لكي يشفوا المرضى ويطردوا الشياطين ويُقيموا الموتى باسمه.

ونراه يُجري أعظم آية بعد آلامه وموته على الصليب، الا وهي قيامته من بين الأموات. فقيامته هي ختم الصدق على كلّ ما قال وعلّم. ولولا القيامة لكان اختفى كلّ شيء وانتهى، كما أعلن بولس الرسول:" لو لم يقم المسيح لكان ايمانكم باطل وتبشيرنا باطل".

ولولا ظهور المسيح القائم من الموت لتلاميذه لمدة أربعين يومًا لتثبيتهم على الإيمان، ولإرسالهم الى العالم حاملين البشارة السّارة الى أقاصي الارض، لما بقي ذكر للمسيح ولما بقيت ديانة مسيحيّة على وجه الأرض.

ولولا حلول الروح القدس على التلاميذ لكانوا ما زالوا مدفونين في قبور خوفهم. فهؤلاء البسطاء والجهّال والفقراء قد ردّوا العالم، وهذه هي أعجوبة من أعظم الآيات.

إن كل الامبراطوريّات والممالك قد بُنيت على القوة والعنف والسيف والحرب، ومصيرها الزوال؛ إلّا مملكة المسيح التي بُنيت على الإيمان والمحبّة، فمصيرها الخلود لأن المحبّة هي جوهر الله، وجوهر الله خالد لا يزول.

وهذا هو مجد المسيحيّة: أنّها بُنيت على دماء شهدائها، وليس على دماء أعداءها. وهذا الدمّ كان وسيبقى بذار مؤمنيها الصادقين الأبرار على مدى الأيام. ولن يكون سيفٌ للمسيحيّة الا سيف المحبّة والإيمان حتى مُنتهى الدهور.